الجمعة، 31 ديسمبر 2010

المُغْتَصِب


خالد سينو

تناقلت وسائل الإعلام المختلفة ونحن على وشك إغلاق الباب على 2010، خبر إدانة إحدى المحاكم الاسرائيلية الرئيس الاسرائيلي السابق موشيه كاتساف (إيراني الأصل) بتهمة الاغتصاب وإقامة علاقات جنسية غير شرعية.
القضية من حيث تداعياتها على المجتمع الاسرائيلي لا تهمنا ، لكن الذي يلفت النظر فيها تلك النزاهة التي يتمتع بها القضاء في الدولة الجارة له من القوة والاستقلالية تصل لحد إدانة شخصية سياسية عليا في دولة مجاورة لنا وعلى تخومنا، بينما هناك من يغتصب 25 مليون إنسان (حسب الإحصاءات الرسمية عدد سكان سوريا سيتجاوز ذاك الرقم قريباً) منذ أربعة عقود ونيف بشكل يومي وبأشكال وافعال مختلفة يتفنن فيها الطاقم الأمني السوري.
والاغتصاب عندنا ثلاثة اشكال.
الأول، هناك اغتصاب عام للشعب السوري على خلفية حرمانه من حقوقه السياسية والديمقراطية ونهب الخيرات وتسجيل سوريا ككل كسجل عقاري خاص مضاف للأبد باسم الشلة الأمنية التي تحكم سوريا باسم حزبها العقائدي جداً، والشكل الآخر للاغتصاب ما هو ممارس بحق الشعب الكوردي في سوريا، بدأً من الشوفيني محمد طلب هلال ومشروعه ذي أهداف التطهير العرقي ومروراً بمختلف المشاريع والقوانين الاستثنائية والغير الاستثنائية والتي اتت كتكميلة خاصة للمشروع الهلالي في محاولة لاقتلاع الجذور من أرضها الأصلية.
فكل شيء في أرضي الطيبة مباح ومعرض للاغتصاب إن لم تمتثل لمشيئة الحاكم باسم العقيدة والإيدولوجيا …
كل شيء في واحتي، التي ترعرعت مرهونة بمشيئة أصغر عنصر أمني، وجاهزة للحالة الاغتصابية …
كل شيء في الأرض التي أهدت العالم شريعة تهتم بتنظيم شؤون وأمور الرعية في مملكة بابل (شريعة حمورابي)، مباح ومفتوح ما دام لم يهتف للحاكم.
كل شيء في واحتي الجميلة تقحلت وتصحرت لانها اغتصبت بفعل القوانين الاقتصادية الاغتصابية….
كل شيء مرهون للاغتصاب …
………………………………

وبما أن الثقافة السياسية السائدة رسمياً في سوريا قائمة على الاغتصاب، فانتقل ذاك الفعل  إلى البعض منا، فبدأ يغتصب ويمارس ساديته السياسية علينا هنا وهناك وبمسميات مختلفة.
احزابنا مُغتصبة وهنا هو الشكل الثالث للاغتصاب …
مرة باسم الماركسية اللينينية وضرورة الالتزام بها (قبل انتقال راعي تلك النظرية المرحوم السوفيتي إلى ملكوت السماء)، فانتقل مفتي الماركسية بعدها إلى مصطلح بارزانيزم بعد ان كان من أشد أعداءها كوردياً، ومرة لأجل تصحيح المسار، ومرة باسم الديمقراطية، ومرة باسم  الواقعية السياسية وطنياً فاستطاب له الأمر ومازال منذ /50/ عاماً يغتصب حزبه، ومرة باسم تصعيد النضال الثوري والعملي، ومرات عديدة تحت رايات اشقاء كوردستانيين وكالة،  ومرات كثيرة بدون سبب ما فقط لأن احدهم استحلى الفعل الاغتصابي ولا يريد لفعله أن ينتهي أو يستغنى عن خدماته الجليلة، وحديثاً جداً هناك من اعلن اغتصابه السياسي لنا في بلاد الغربة ويافطته الاغتصابية تحمل نكهة كوردستانية بحجة تجاوز كل خطوط الحمر والصفر ووضع النقاط الضائعة من الحروف عليها.
والأنكى من هذا وذاك هناك من يريد أن يغتصب اقلامنا وبتر اصابعنا فقط لأننا لا نمجد فعله وفعل معلميه في تفننهم وتناوبهم على الاغتصاب السياسي والتنظيمي، بحقنا وحق احزابهم وقواعد احزابهم وجماهير احزابهم ويصرون أن ننضم مثله لجماعة المغتصبين…

اغتصابٌ … اغتصابٌ … اغتصاب…
ودمنا للاغتصاب الأبدي
وللاطلاع على المزيد في هذا المجال نقدم للقراء قصيدة الشاعر نزار قباني المحضر الكامل لحادثة اغتصاب سياسية على الرابط التالي 
http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=68893&r=&rc

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق