الأحد، 12 ديسمبر 2010

الحراك الدبلوماسي الكوردي السوري في اوروبا ـ المانيا نموذجاً

الحوار
آزاد حمه:   

الحراك السياسي او الدبلوماسي، هو نتاج لجملة من النشاطات ورؤى وافكار على مستوى الافراد كدور ثقافي وسياسي وحواري رافد للعملية السياسية، هو ايضاً مسهامة من قبل المنابر الاعلامية المستقلة / جرائد، مجلات، مواقع على النت، غرف على البالتوك / وكرافد مهم لتلك العملية (الحراك السياسي) يأتي دور الجمعيات الكوردية في مختلف المدن الالمانية المشكلة تحت مسميات واتجاهات مختلفة، ثم يأتي الدور المحوري للمنظمات الحزبية الكوردية السورية في المانيا، والتي يتكامل دورها معاً ضمن الهيئات السياسية المنظمة ـ هيئة العمل المشترك للكورد السوريين في المانيا كنموذج.
وكتتويج لجهود كل الافراد والهيئات المستقلة والغير مستقلة، ولمنظمات الاحزاب، والهيئات الجامعة لكل هؤلاء يأتي الحوار ليكون سيد الموقف اولاً واخيراً، به تحل العقد والامور، به تحل الافواه المكمومة، به تبنى الصداقات محل العداوات، به تتوحد الإرادات به … الخ.
فكيف نحن مع تلك اللغة العالمية… لغة الحوار…

****
اعتقد إن الحوار كمبدأ مرتبط بشكل وثيق مع ثقافتنا الذاتية والثقافة السائدة بيننا، ومن جهة أخرى مرتبطة بتلك النسبة المئوية التي تتشكل منها اتجاهتنا السياسية والتي تترابط مع الثقافة والمثقف، فالفرد المثقف أو النخبة الكوردية المثقفة ضمن الحالة السياسية الكوردية السورية في المانيا لا تشكل تلك النسبة الكبيرة كرقم مئوي من حيث العدد والدور الثقافي او السياسي، بل نستطيع القول هنا شبه انعدام التأثير المتبادل بين الحالة السياسية المتمثلة في التنظيمات الاحزاب الكوردية بين الجالية الكوردية، وبين تلك النخبة المثقفة، أو تلك التي تعمل بصفة اكاديمية لدى الجهات العامة أو الخاصة او بشكل فردي، في هذا الإطار نستطيع ادراج الاطباء ، المحامين، الصيادلة، المهندسين، مدرسين، مترجمينن، صحافيين، طلاب جامعيين، فنانين، كتاب او شعراء … الخ. فالمثقف كحالة ثقافية مرتبطة بالسياسة تحول إلى احتياط  لدى النخبة الحزبية الكوردية عند اللزوم والحاجة الآنية، انه لم يتحول إلى حاجة ماسة تحتاجها تنظيماتنا السياسية في تصفية ارثها الحزبي الضيق وآثار معاركها الشخصية الجانبية والبينية، وفي انفتاحها السياسي البيني والخارجي، وفي تنقية اجوائها الداخلية والبينية من ترسبات خلافاتها الشخصية، في إدراج لغة الحوار الشفافة فيما بينها وذاتياً ضمن التنظيم الواحد، لأن المشكلة الاساسية التي يعاني النخبة السياسية الكوردية (هذا اذا جاز لنا ان نسمي من يتولى دفة القيادة في المنظماتنا الحزبية بانهم سياسيين) هي عدم الاستعداد لسماع الرأي الآخر المخالف لرأيه الشخصي او الحزبي، عدم استعداده في فهم وجهة نظر الآخرى، أو إقامة التواصل الْبِنَاء وَالْفَعَّال مع الآخر المختلف سياسياً وتنظيمياًً، وعلى هذا نرى عدم استعدادنا افراداً، احزاباً، جمعياتاً على فتح حوار جدي مع الآخر وايصاله إلى النهاية المرجوة والتي تعطي نتائج ولو على مدى البعيد، فحوارنا هو في اغلبه وفي نهاياته حوار طرشان، نسمع لانفسنا فقط، لوجهة نظرنا فقط وما عدانا يقترف اثم إلى حدٍ ما، ما عدانا يرتكب خطأ وإلا تعالوا وتمعنوا في تحالفاتنا السياسية التي تُنسف اركانها بمجرد ظهور خلاف بسيط او شخصي بين ممثلين لحزبين، تعالوا راقبوا واقع منظمات احزابنا السياسي والتنظيمي المحزن المبكي والتي من هشاشتها لا تحتمل النقد المبني على اسس ديمقراطية، راقبوا نقاشات احزابنا في اجتماعاتهم والتي تحتوي كل شيء إلا الحوار، تلك النقاشات توحي لي حلبة لصراع الديوك، راقبوا نقاشات احزابنا مع جبهة المستقلين، الاحزاب تريد سحب البساط من تحت الاقدام من جهة، والمستقلين تفادياً للسقوط تتمسك بهذا او ذاك، تابعوا اجتماعتنا الهيئاتية في إطار هيئة ما (هيئة العمل مثالاً) وكأنهم في حمام مائه مقطوعة ـ حسب ما نقله لي بعض الاعضاء ـ تابعوا نقاشاتنا على البالتوك التي هي زعبرة سياسية لان ما تطرحه ان لم يتوافق مع الذهنية التي تقود الغرفة سيتم اسكاتك بنقرة ماوس، لاحظوا نقاشاتنا الفردية احدنا لا يصبر حتى يأتيه الدور ليدلي برأيه  فترانا نقاطع لنكمم انفاس الآخر، لاحظوا اختلافنا السياسي وكأن المسألة يا قاتل يا مقتول، يا غالب يا مغلوب، وكأن حلول الوسط انتفت، لاحظوا عنجهية وتفاهة اجوبة البعض منا على بعضنا الآخر  ففي اغلب نقاشاتنا وردودنا نقطع حدود اللياقة والاحترام في ردنا على امور سياسية، تنظيمية، ثقافية  واختلافية قد تكون من أحد ما، وندخل في الخاص والخاص الخاص على المستوى الشخصي للتشفي ولمعاناة البعض منا من عقدة نقص ما تؤثر في سلوكه العام وطريقة تعاطيه مع الآخر(1).
 اعتقد أي اجابة على اية مسألة مهما كان موضوعها سياسياً، ثقافياً، اجتماعياً او شخصياً يتعلق الامر بالدرجة الاولى بسوية المجيب الشخصية والاجتماعية والثقافية التي تحدد مدى سعة افقه الشخصي والسياسي والفكري، بهما يتحدد طريقة تعامله مع الآخر، والتعامل هي نقطة ارتكاز الاولى التي ستحقق عوامل النجاح لاية قضية حوارية بين فردين او حزبين او دولتين او شعبين يعيشان على ارض مشتركة.
نحن نفتقد لغة الحوار، ميزة ايصال الحوار إلى نهايته، إلى نتائجه المرجوة سياسياً وتنظيمياً، نفتقد ميزة التعامل بالندية والاحترام مع بعضنا البعض، فترانا عند اول نقطة خلاف اصواتنا تعلو نبرتها ووتيرتها، وكأن المسألة هي في علو الاصوات، ترانا وعند نقطة ما نحن على استعداد في هدم ما بنيناه بسنين، وبحوارات ماراثوية لم تخلو من الصياح والعراك والصراع، لكن هذا لا يهم، وعند نقطة ما، عند حدث ما، عند طرح قضية ما من قبل احد الافراد، احد الاحزاب، إحدى  الجمعيات، إحدى الهيئات، وإن سارت الامور لا كما يشتهي او يشتهون، تراه او تراهم يسعون ليس لعرقة امر ما بل لنسف ماتم التوصل له سياسياً وتنظيمياً وحتى نسف العلاقات الشخصية، لدك أسس الاتفاقات ، الإطارات القائمة، لكن للحين وبعدها تعاد حلقة نقاش نفسها للوصول إلى النقطة نفسها التي تم الافتراق عتدها، وللاتفاق من جديد على تلك الاسس التي كانت معتمدة قبل الاختلاف، والتجربة تعاد وتتكرر بشكل رتيب وممل تزرع اليأس في النفوس، تظهر للملئ مدى تفاهة اختلافاتنا السياسية، مدى افتقدانا للغة سياسية واضحة المعالم والاسس، تبين أن المسألة ليست سياسية او فكرية بل هي شخصية بحتة. نخلط الشخصي مع السياسي والتنظيمي ليكون المنتوج خليط من الانفعالات والغرائز الاولية لا تستطيع اعتى المعاهد السياسية على فك شيفرتها ومنطقها المعوج لتحليلها إلى مكوناتها الاصلية، وبالتالي نفتقد إلى طرح واضح ومنظم لاجندتنا سياسية التي هي كبياناتنا تحوي كل شيء ولا تحوي شيء واضح، وإلا بما نفسر انقلاب سياستنا اتجاه بعضنا البعض 180 درجة لتعارض في موقف ما، او أن البعض فهم السياسة بانها القفز من موقف لآخر حسب الحاجة وكأنه يقدم عرضا في حلبة السيرك، وهل نستطيع اقناعه بأن هذا لا يجدي له ولاتجاهه السياسي بدون ان نصطدم معه او مع تنظيمه ككل.  لاحظوا هيئة العمل الآن هناك في الهيئة من يغرد خارج السرب ويلحن لنفسه معزوفة خاصة به، يتهم فيه رفاق امسه بالتهرب من المسؤولية التاريخية (هذا ما سمعناه على البالتوك)، عجبا من امرنا، ألم نتعض من تجاربنا السابقة، لماذا يحتم على الكوردي (المقصود هنا الحزبي بالدرجة الاولى) ان يبدأ من نقطة الصفر في كل مرة، لماذا على الكردي أن يرتب اجندته السياسية على اساس مواجهة طرح الكردي الآخر المختلف عنه، بدلا من مواجهة مضطهدي الشعب الكردي، هناك باقة، حزمة من الاسئلة المشروعة التي يجب ان تطرح، ان تناقش، أن تحلل لايجاد الاجوبة المقنعة، تلك الاجوبة التي ستفتح صفحة جديدة في العلاقات البينية بدءاً من الافراد وحتى الاحزاب، ستفتح آفاق سياسية امام قضية شعبنا الكوردي، سترشدنا الى طرق في العمل تجعلنا قوة واحدة في مواجهة الجبهة الأخرى.

بافتقادنا إلى الحوار لا نستطيع بناء العقلية السياسية التي سنناضل بها هنا في اوروبا، في المحافل الدولية، لطرح قضيتنا سياسياً وحضارياً. كيف لنا الدفاع عن قضيتنا سياسياً ودبلوماسياً، وانا كشخص او كحزب او كهيئة ما بعيدة كل البعد عن السياسة والدبلوماسية والحوار والتواصل، فالدبلوماسية كما قال بابا روما السابق جون بول السادس ( يوحنا بولس السادس ) هى الصداقة والحوار  فهنا  الحوار هو ركن اساسي من اركان الدبلوماسية الناجحة، فاذا لم نكن صريحين مع انفسنا والآخرين إذا لم نكن اصدقاء جيدين للآخرين، اذا لم نستطع إقامة حوار سياسي بناء وفعال فيما بيننا اولاً، إذا لم نكن قادرين على خلق الارضية المشتركة فيما بيننا، إذا لم نكن قادرين لسماع الصوت الآخر فينا، فكيف بنا إلى إقامة الحوار والصداقة مع الطرف الآخر، العربي في الداخل والاوروبي في الخارج، أنها معادلة متكاملة من العلاقات الذاتية والبينية والخارجية التي يجب ان تقام، وإلا سنجترع الفشل سياسياً وتنظيمياً وثقافياً كما وضعنا الآن.

إن ما يحصل اليوم بين المكونات السياسية والتنظيمية الكوردية في المهجر هو حوار في هوامش الهوامش، لان العملية الحوارية تدار من قبل اشخاص يعانون من امية سياسية واضحة في سلوكهم واعمالهم وسياستهم الارتجالية ضمن منظماتهم الحزبية او  ضمن هيئات جامعة لعدة تنظيمات، وهذه بحد ذاتها تعتبر عملية اغراقية للحوار، للسياسية، للدبلوماسية للـ … الخ، إننا نغرق نغرق كما قال الطيب الذكر عبد الحليم حافظ في رسالته تحت الماء :
إني اتنفس تحت الماء … أني اغرق اغرق أغرق
 وحسبنا الله ونعم الوكيل
ودمتم
-----
سيرة وانفتحت … سلسلة متصلة منفصلة من الكتابات، مقالات، خربشات أو رؤية جريئة، سمها ما شئت تطرح وجهة نظر كاتبها او راويها، في امور شتى، لكن يجمعها رابط مشترك وهو الهم الكوردي، هنا في اوروبا، في الداخل …

(1): احد الساقطين اجتماعياً لم يعجبه ما اكتب فانتحل اسماً وايميلاً مشابهاً لايميلي وهو   azad.heme@hotmail.com راسلني به لا لينتقدني بل ليشتمني بالفاظ تدل على انحطاطه السلوكي والاجتماعي، تدل على تربيته الشوارعية وعلى عدم تلقيه اية تربية في مهده الاول، وتدل ان ثقافته هي ثقافة مهربي الدخان في ازقة المدن السورية، واجزم بأن هذا الشخص يعاني من اختلال سلوكي حتى يقوم بشتم الاخرين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق