الأحد، 12 ديسمبر 2010

ليلة القبض على السياسة كوردياً

خالد سينو

قرأنا في النت الكوردي  ـ تتشرف ادارة غرفة صوت غربي كوردستان بدعوتكم لحضور امسية سياسية بحضور كل من الاستاذ احمد علي الناطق الرسمي لحزب يكيتي الكوردي في ألمانيا والسيد أبو اسعد بإسم حزب ازادي والسيد سالار شيخاني بإسم الحزب اليساري في يوم السبت الواقع في 13.03.2010 والأمسية حول الذكرى السادسة لانتفاضة آذار العظيمة في غربي كوردستان وحول الإعتصام امام السفارة السورية في العاصمة الألمانية في برلين التي جرت في يوم الخميس  11.03.2010  ـ  وعلى هذا هيئنا انفسنا نفسياً وسياسياً وجسدياً في تلك الليلة الالمانية الباردة، على اننا سنسمع اخبار  حارة ستعدل من برودة الجو والمزاج، سنندم على ما كتبناه في مقالتنا السابقة الموسومة بـ (على هامش الصور التذكارية) ، او اننا سنتلمس امور طيبة تسر الخاطر وترفع من المعنويات والامكانيات والقدرات عندنا عالياً نستطيع عندها مواجهة النظام السوري بكل السبل الممكنة، كيف لا ونحن اليوم على موعد مع ثلاثة من سفراءنا الكورد، مع ثلاثة من المسؤولين الكورد، مع ثلاثة من الناطقين الكورد الحزبيين  (نطقهم شوية كوردي على شوية عربي مع بعض كلمات المانية) مع ثلاثة من السياسيين سيحللون لنا  سياسياً مغزى الذكرى السادسة للانتفاضة لنا ككورد المهجر، سيوضحون لنا ما لم نستطع نحن البسطاء تبيانه في السياسة كوردياً واوروبياً، سيقدمون لنا ما الجديد هذه السنة في احتجاجهم ومشروعهم المعد سلفاً وبتحضيرات مسبقة من قبلهم على مدار شهر كامل، ذاك المشروع الذي صُرعنا ونحن نسمع به، نسمع بأن هيئة العمل تجاهلته، ذاك المشروع الذي اصبح قميص عثمان داخل هيئة العمل وخارجها لاستثارة هيئة العمل ضد بعضها البعض و الجالية الكوردية ضد الهيئة وجرها إلى صراع داخلي تنفيذاً لاجندة حزبية متحالفة لكنها تبدو لي متخالفة، متصارعة، متصادمة، متقاتلة تحت يافطة ذاك الحزب ذي النهج ثوري ، وذاك وسطي، وآخر انبطاحي .
المهم، قل فتحنا النت ودخلنا، ويا ريتنا ما دخلنا، لاننا سمعنا قصص التنور ذاتها، روايات ذاتها، صراعات ذاتها، كلمات ذاتها، تنظيرات ذاتها، ردود ذاتها التي سمعناها مراراً وتكراراً على مدار سنين طويلة، طريقة تفكير وعمل ذاتها التي فكر وعمل بها جد جدي الذي لوى اعناق كثيرة حوله من العشيرة حتى تبوأ رئاسة العشيرة.
اول الفاتحين (عفواً المتكلمين) كان السيد سالار شيخاني الناطق باسم اليساري الكوردي، حيث بدأ بشكل ممل يسرد لنا كيف جرت الاحداث في ذاك اليوم المشؤوم (يوم 12 آذار 2004 في ذاك الملعب) وكأننا اناس (الموجودين في الغرفة بالطبع، من ادغال افريقيا، أو انه وجدها فرصة له ليمارس نرجسيته علينا) لم نقرأ ونسمع عشرات المرات ذاك التسلسل الرتيب للاحداث، تلك الهمجية من قبل النظام واجهزته الامنية، ذاك الرد العفوي الكوردي على النظام وادواته، المهم عزيزنا سالار بدأ بسرد القصة من اولها لكنه لم يتقن فن السرد، فقد كان يقفز من اوروبا إلى قامشلي إلى كوردستان العراق، إلى هيئة العمل ومشروع حزب يكيتي وكونفراس هيئة العمل، حيث اكد بان ممثلي يكيتي طرحوا مشروعهم في الكونفراس وانهم اي اليساري وافقوا فوراً (وهذا مخالف للحقيقة كما وضحها العديد من اعضاء هيئة العمل في تلك الليلة وقبلها ـ السيد ممو ) ان تشتت السيد سالار بين عدة نقاط افقد الموضوع ترابطه ويبدو ان المسؤول عن ادارة الحوار (Admin) احس بذلك، واعتقد انه نكش سالار (هون يعني تراسل معه بشكل فردي ان ينهي هذه الرتابة ويختصر ويسلم المايك للي بعدو، ما بعرف هيك حسيت)، فجأة قرر السيد سالار ان ينهي كلامه بدون ان ينهي اية نقطة من النقاط  التي بدأها وسلم المايك للاسئلة، فتكلم احد الحضور طالباً من السيد سالار توضيح ما طرحه بخصوص طرح رفاق يكيتي لمشروعهم على كونفراس هيئة العمل فاجاب سالار مرة أخرى بالايجاب. تتالت عدة اسئلة طالبة توضيح مواقف واسماء الذين رفضوا مناقشة مشروع يكيتي، ومسائل خاصة بالهيئة ، يعني القضية خرجت كلها من مسارها الموصوف كما اعلن في النت، كنا في الانتفاضة كقراءة سياسية لها، ونتائج مسيرة يوم 11/3 في برلين لنجد انفسنا امام هيئة العمل ومشاكلها وتوتراتها الداخلية ومواقف احزابها من المسيرة البرلينية، كل ذلك بسبب خروج السيد سالار عن النص (كما يقولون عندما يجتهد احد الممثلين ويلقي بحوار ما غير مدرج في نص المسرحية المقدمة).
كنا نأمل ان يأتي السيد احمد علي ليكحها لكنه عماها، وذلك بخروجه هو ايضاً عن النص المقرر، او الموضوع المقرر في هذه الليلة البالتوكية، فدخل هو ايضاً إلى تلك المعمعة، إلى متاهة مشروع يكيتي المتكامل وتاريخ تقديمه إلى الهيئة للمناقشة وتهرب الهيئة، وتحويل المشروع إلى الاجتماع ثم إلى  الكونفراس، اي نفس الاسطوانة التي سمعناها مرارا وتكرارا على البالتوك، وقلنا انه بعد تاريخ 11/3 الموضوع سيصبح من الماضي، لكن خاب ظننا، وتسمرنا امام شاشات اجهزتنا نستمع لتلك المماحكات من هذا وذاك، نستمع لحجج هذا وردود ذاك، نستمع من هذا ان رفاق يكيتي لم يطرحوا مشروعهم في الكونفراس لانهم خرجوا منه مقاطعين، ونسمع من ذاك انهم طرحوا وهم (اي ذاك) وافقوا على المشروع في الكونفراس، فايهما نصدق هذا ام ذاك.
هكذا دار النقاش لدى الناطقين الرسميين لمنظمات احزابنا في اوروبا، هذه هي عقلية من سيقود الجالية الكوردية في اوروبا سياسياً وتنظيمياً . فإذا كان اولياء امور منظمات احزابنا لا يعرفون كيف يدار النقاش ،  لا يعرفون كيف لا يخرجون عن النص، ولا بستطيعون ان يحافظوا على لب الموضوع المطروح، فكيف بنا ان نثق بقدراتهم السياسية والتنظيمية والفكرية وحتى اللغوية،  اعتقد ان هذا سؤال جوهري عليه يتوقف امور عديدة تخصنا كجالية كوردية في المانيا او اوروبا، تخص شعبنا الكوردي في الداخل الذي يتطلع إلى مساعدة اصدقاء الخارج ان لم يكن سياسياً فإنسانياً.
بعد تلك المماحكات على شاكلة نحن، حزبنا، سياسة حزبنا، قرارنا الحزبي، قرارنا الثلاثي، رؤية حزبنا النضالية للحدث التي تقر اولية الاعمال الاحتجاجية، عدم مساومتنا للدم الآذاري، تصميمنا الحزبي على ايصال صوتنا عالياً … الخ. لاحظوا العبارات السابقة، كلها تدور حول الفردية، الذات الحزبية على حساب طمس العمل الجماعي.
انا بشكل شخصي لم اكن على استعداد السماع مجددا إلى تلك النقاشات التي لا تقدم ولا تؤخر، التي ليس فيها لا منتصر ولا مهزوم، بل نحن الجاليةكحالة سياسية نخرج منها مهزومين، اما صراع الديكة بين اولياء امور منظمات احزابنا على ما يبدو سيبقى في متاهتها الابدية.
لذلك  خرجت من حلبة الصراع وتمجيد الذات الممجوجة لدى البعض، خرجت ولم اعد، ذلك على غرار الفيلم المصري خرج ولم يعد (تمثيل يحيى الفخراني/ ليلى علوي).

بالفعل انها كانت ليلة القبض على السياسة ولوي عنقها واخماد انفاسها خنقاً، تلك السياسة التي لم يفهمها البعض منا إلا صراعاً، إلا خناقاً، إلا انتقاماً من الآخر، هو لم ولن يفهمها حواراً مع الذات اولاً لبناء عالم داخلي متصالحاً مع نفسه وحوله، هو لم ولن يفهمها حواراً ومشاركة مع الآخر حتى لو كانا مختلفين. البعض منا هكذا وجد نفسه متصارعاً، وسيرحل متصارعاً.

ودمتم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق