آزاد حمه:
آذار 2010
آذار 2010
يبدو لي ان العنوان الذي عنونت به هذه الحلقة كبير جداً، ذو مقياس فضفاض، لا تتناسب والحالة السياسية الكوردية في اوروبا التي لديها خط فقر سياسي واضح على غرار خط الفقر الاقتصادي(هذا التوصيف اطلقه الاستاذ ياسين الحاج صالح في توصيفه الحالة السياسية للشعوب التي تعاني الحرمان السياسي والديمقراطي)، لا تتناسب وواقع الحال الكوردي السوري في اوروبا، لا تتناسب والفهم للسياسة كحالة ثقافية وفكرية ودرجة اقتراب او تمثل ممثلي التنظيمات الكوردية السورية في اوروبا لتلك الحالة، لا تتناسب والفهم الديمقراطي للفعل السياسي الكوردي السوري هنا في اوروبا، لا تتناسب والأسس اللاديمقراطية السائدة ضمن تنظيمات احزابنا السياسية في اوروبا، لا تتناسب وحجم الفعل السياسي الممارس في اوروبا، لا تتناسب وطريقة تعامل تلك التنظيمات والحالة السياسية الاوروبية، لا تتناسب وطريقة تعاطيها السياسة بعقلية يا غالب يا مغلوب، يا ابيض يا اسود (على حد قول عادل امام، في مسرحية شاهد ما شافشي حاجة)، لا تتناسب والعلاقة البينية بين تلك التنظيمات نفسها، لا تتناسب وترتيب اجندتها السياسية، لا تتناسب وخطابها السياسي القائم على تمجيد الذات الحزبية على حساب العمل الجماعي والقضية، لا تتناسب والخطاب الاعلامي للتنظيمات الكوردية ذاك الخطاب القائم على حشر كل مصائب الكورد في بيان ما مهما تكن مناسبة صدوره ، ذكرى شهداء 12 آذار أو ذكرى الإحصاء المشؤوم، او خاص بمرسوم 49، او حتى باليوم العالمي للبيئة … المناسبة لا تهم، المهم لدى هؤلاء حشر كل المصائب والويلات في ذاك البيان، وإلا سيكون هناك تنازل عن حق الكوردي، سيكون هناك تفسير ما من احد العقول المصابة بداء التخلف السياسي بأن ذاك البيان فيه لهجة مهادنة مع النظام السوري واركانه وسياسته.
وإذا كانت هذه اللا تناسبات الكثيرة التي اوردتها، فلماذا الكتابة عن الموضوع اصلاً، ما دام انا كشخص ما، او كتوجه سياسي معين قد يحكمني لا يعجبني العجب. اعتقد بأن المسألة هي اعمق مني كشخص لم يعجبه الفعل السياسي الكوردي هنا، اهم كحالة سياسية ما قائمة لها توجهها الخاص، المسألة تتعلق بمشروع كوردي سياسي لا يزال يناضل وكأنه لا ينجز، لازال يناضل وكأنه يحارب طواحين الهواء، لازال يناضل وهو لم يتخلص من مشكلة سياسية ما فتعترض طريقه مشكلة أخرى قد تكون اخطر واعمق من الأولى واعصى على الحل، لا زال يناضل لاجل توحيد الكلمة الكوردية إذ به يرى نمو لتنظيمات سياسية كالفطور هنا وهناك، لا زال يناضل لاجل حل قضية شعباً لم ينصفه التاريخ، وإذ باقطابه يعجزون عن حل مشاكلهم البينية فيما بينهم، لا زال قادته ينشدون الحل السياسي والديمقراطي والدستوري لنضالهم السياسي، ولأهدافهم،ومبادئهم، وتوجهاتهم، في الوقت الذي يعجزون عن حل المشاكل الداخلية ضمن تنظمياتهم ديمقراطياً، يعجزون عن حل مشاكلهم مع رفاق الامس واليوم، يعجزون عن حل تناقضاتهم قد تكون سياسية، شخصية، تنظيمية (لا يهم) مع من كان إلى امس القريب كاتم سره، مؤتمن على امنه، وإذ به بلمحة بصر، بجرة قلم يصبح منبوذا،ً مرفوضاً، مطارداً، منعوتاً باقذع الصفات التي كانت حتى يوم أمس تكال لغاصبي الحق الكوردي في الوجود والعيش.
إذاً القضية هي اكبر مني كشخص، واكبر من حجم حزب ما أو منظمة حزبية ما معتدة بنفسها هنا او هناك، وهي بالنهاية تتعلق بمشروع سياسي متكامل محدد له ادواته السياسية اللازمة والتي تتوافق وواقع الحال هنا في اوروبا، التي تتوافق والعقلية السياسية التي تحكم الاوربي ونخبه السياسية، التي تتوافق وأسس الديمقراطية في اوروبا تلك الاسس التي تحترم الإنسان كحالة إنسانية لها من متطلبات وقناعات قد تختلف من فرد إلى آخر، لكنها في النهاية كلها تتفاعل وتتجانس لتصب في بوتقة المجتمع ككل، لكل فرد فيه، لكل منظمة أهليه فيه، لكل توجه سياسي او حزبي فيه دور محدد لا يتجاوز حق الآخر او الاخرين، بل تتكامل معه لتبني الاسس المادية والفكرية والروحية للمجتمع. اما نحن فخطابنا السياسي (هنا الحزبي والفردي) تعبوي ضد الآخر، تحريضي ضده حتى اقتلاع شورشه من الاعماق، وإذا هادن في مرحلة ما، تحت ظرف سياسي ما، فهو لحين، لحين التمكن من ذات الآخر ومن ثم لوي عنقه سياسياً ليدور حول نفسه ويسقط بالضربة القاضية على يد حليف الامس واليوم، وإذا لم تكونوا مصدقين، وإذا اتهمتموني بالكذب والرياء وتلفيق تهماً من محض الخيال، فراجعوا التجارب الكوردية في الوحدات والاتحادات والتحالفات والجبهات والتعاونات المشتركة والرؤيات المشتركة والمرجعيات المستقبلية الآتية على الطريق، راجعو تجربة المؤتمر الوطني في كردستان العراق 1970، الذي رجعنا منه بثلاث احزاب، راجعو التعاون الثنائي بين الاتحاد الشعبي والبارتي 1980 الذي انتهى بانشقاق البارتي، راجعوا التحالف بنسخته الأولى1986 حيث قرأنا الفاتحة على روحه بانشقاق البارتي، راجعوا التحالف بنسخته الثانية 1992 ومن ثم بنسختين في وقتنا الحاضر اثر هجمة مباغتة شنها حليفان ضد حليفين لهما بمساعدة جوية وبرية وبحرية (عفوا قصدي بمساعدة اعلامية ندواتية انترنيتية اجتماعية) من مستقلين الذين لم يستطيعوا ان يبقوا مستقلين عند اول هزة، راجعوا تجربة الجبهة الكردية التي كانت ردا على انقسام البارتي ونصرة التحالف لطرف ضد طرف، تلك الجبهة التي لم تستطع حتى ان تكّون تشاورا مشتركاً فانشقت احزابها على نفسها وخرجت منها إحداها، راجعوا تجربة لجنة التنسيق التي لم تستطع ان تنسق في اي شيء، راجعوا تجربة حزب الوحدة في الوحدة ، راجعو تجربة التقدمي مع الاشتراكي سترون العجب، راجعوا تجربة آزادي، راجعوا تجربة يكيتي الذي لم يتحد مع احد لكنه لم يستطع الوحدة مع نفسه، بالاجمال راجعوا التجربة الحزبية الكوردية منذ الانطلاق لليوم، حين كان الحزب الديمقراطي الكردستاني اولاً ، ومن ثم اصبح حزبان وثلاثة احزاب واربعة وخمسة و… و … … والقائمة مفتوحة، والدجاجة في عز شبابها وهي مستعدة للتفريخ بشكل متواصل وبمسببات وإطروحات وحجج نفسها منذ الانشاق الاول، وإن اختلفت لهجة الخطاب السياسي لتغير العصر والظروف وادوات النضال والاتصال والتواصل.
هنا نطرح الحالة السياسية العامة، والتي تتأثر تقدماً او تراجعاً بالحالات الخاصة المكونة للحالة العامة، وهنا الفعل السياسي العام للاحزاب الكوردية في الداخل، للتنظيمات الكوردية في الخارج، وبالتالي للشعب الكوردي في الداخل للجالية الكوردية في الخارج، نتيجة سياسات مكوناته التنظيمية الخاصة كمؤثر فعلي على التوجه العام. بمعنى آخر هل خدمت سياسةالاحزاب الكوردية في الداخل قضية الشعب الكوردي في الداخل، هل خدمت التنظيمات الكوردية هنا في اوروبا التوجه الكوردي العام واهدافه، في خلق حراك سياسي ودبلوماسي كوردي داخهل الجالية الكوردية ومنها إلى الوسط الاوروبي، على اعتبار انها تلامس وعلى تماس مع اكثر انظمة العالم انفتاحاً على الإنسان وقضاياه.
وعندما نقول التوجه الكوردي السياسي العام واهدافه نقصد بذلك الجالية الكوردية ككتلة سياسية (كنموذج الحالة الكوردية في المانيا)، وعلى هذا سنلقي الضوء من وجهة نظرنا (التي قد تكون خاطئة من وجهة نظر أخرى) وباختصار على الحراك السياسي الكوردي في المانيا كنموذج على عدة مستويات مختلفة، والتي من المفروض ان تتكامل في النهاية لتكُون رؤية سياسية محددة، لها اجندة سياسية ودبلوماسية واضحة ومحددة لخدمة القضية الكوردية في سوريا …
وإلى ذاك الحين …
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق